ثامناً: اعلما أنه لا يخلو بيت من المشاكل والمنغصات وكما قيل هي كالملح في الطعام إن قل فسد وإن زاد فسد ، فإن بيت النبي صلى الله عليه وسلم ماخلا من ذلك فقد ثبت في الصحيح ( عن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً ، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النبي - صلى الله عليه وسلم - فَلْتَقُلْ إني أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ « لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ » . فَنَزَلَتْ ( يَا أَيُّهَا النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ) إِلَى ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ ) لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ ( وَإِذْ أَسَرَّ النبي إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ ) لِقَوْلِهِ « بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً ») وليحذر الزوجان من تصدير مشاكل البيت إلى الخارج قدر المستطاع ، فإن كان لابد فإلى من يُرجى منه الإصلاح .
تاسعاً: التعامل الصحيح من الزوجين مع أخطاء الآخر كفيل بإذن الله بتلافيها ، وإليكم هذا المثال ، فقد جاء في الصحيح : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ : كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتِ التي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الذي كَانَ في الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ : « غَارَتْ أُمُّكُمْ » ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ التي هُوَ في بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى التي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا ، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ في بَيْتِ التي كَسَرَتْ) .
عاشراً: مما يعين على دوام العشرة هو إصلاح الحال وغض الطرف عن الأخطاء ففي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم : (« لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رضي مِنْهَا آخَرَ ». أَوْ قَالَ « غَيْرَهُ » .
الحادي عشر: الزواج شراكة بين الزوجين فليبذل كل واحد منهما قصارى جهده لاستمرار هذا الشراكة والبحث عن أسباب دوامها ولا تغفلا عن الدعاء .